القطاعات غير النفطية في السعودية

كيف تشكل القطاعات غير النفطية في السعودية مستقبل الاقتصاد

تستمر المملكة العربية السعودية في رؤية تحول اقتصادي كبير بفضل رؤية 2030 التي تهدف إلى تقليل الاعتماد على النفط وتنويع

 الاقتصاد.

بينما تواصل المملكة تقدمها في هذا الطريق الطموح، بدأت المزيد من الشركات المحلية وهيئات الاستثمار العامة في التعرف على إمكاناتها لدفع الابتكار والنمو الاقتصادي من خلال الاستثمارات في القطاعات غير النفطية.

في مقابلة مع “العربية الإنجليزية”، أشار أرون ليسلي جون، كبير محللي الأسواق في سينشري فاينانشيال، إلى التقدم الكبير في التنوع الاقتصادي، خاصة في القطاعات غير النفطية التي نمت بنسبة حوالي 4.6٪ في عام 2023، مدفوعة بالطلب المحلي القوي.

التحول الاقتصادي في السعودية: صعود القطاعات غير النفطية تحت رؤية 2030

وفي حديثه في منتدى دافوس في يناير، سلط وزير المالية السعودي محمد الجدعان الضوء على انخفاض مساهمة قطاع النفط في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، قائلاً إنه انخفض من 70٪ إلى 35٪.

كما أشار وزير الاقتصاد السعودي فيصل إبراهيم في دافوس إلى أن الاقتصاد غير النفطي في المملكة قد نما بنسبة 20٪ منذ عام 2016، متجاوزاً بذلك معدل النمو في الولايات المتحدة.

تُظهر بيانات سينشري فاينانشيال أنه من عام 2005 إلى 2010، كان قطاع النفط يهيمن على الاقتصاد، حيث مثل 45٪ من الناتج المحلي الإجمالي و80٪ من الإيرادات و75٪ من الصادرات. ومع ذلك، من عام 2017 إلى 2022، أدت جهود التنويع إلى تقليص هذه الأرقام إلى 30٪ و57٪ و60٪ على التوالي.

يعتقد جون أن التحسينات في البيئة التنظيمية والتجارية قد سهلت هذا التنوع. كما كان للقوانين الجديدة التي تشجع على ريادة الأعمال وتحمي حقوق المستثمرين وتقلل من تكاليف الأعمال دور كبير في تسريع هذا التحول.

شهدت صفقات الاستثمار والتراخيص نمواً كبيراً في عام 2022، مدفوعةً بهذه الإصلاحات، حيث لعب صندوق الاستثمارات العامة (PIF) دوراً مهماً في تحفيز استثمارات القطاع الخاص.

فيما يتعلق بالمستقبل، يتوقع جون أن تقود القطاعات غير النفطية الزخم الاقتصادي مع استمرار قطاع النفط في كونه مصدر دخل مستدام يدعم جهود التنويع. يخصص ميزانية 2024 حوالي 189 مليار ريال سعودي (50 مليار دولار)، وهو ما يمثل 15.1٪ من إجمالي النفقات ويعكس التركيز الاستراتيجي رغم الانخفاض الطفيف مقارنةً بعام 2023.

نظرة على القطاعات

لدى جون نظرة إيجابية لثلاثة قطاعات رئيسية في السعودية: الاتصالات، الصحة والتنمية الاجتماعية، والتجارة الإلكترونية، مدعومة بالاستثمارات الاستراتيجية والتوافق مع رؤية 2030.

قطاع الاتصالات

من المتوقع أن يشهد سوق الاتصالات والتكنولوجيا في السعودية نمواً كبيراً، حيث من المتوقع أن يصل إلى 172 مليار ريال سعودي (45.8 مليار دولار) في عام 2024، بزيادة بنسبة 6٪ على أساس سنوي. في الربع الثالث من عام 2023، أظهر قطاع الاتصالات نمواً مع مفاجأة في المبيعات بنسبة 0.92٪ ومفاجأة في الأرباح بنسبة 22.08٪.

العامل الرئيسي في هذا النمو هو الطلب المتزايد على خدمات البيانات المحمولة، التي ستشكل حوالي 40٪ من الحصة السوقية في 2024. يعزز سوق البيانات المحمولة الانتشار الواسع للهواتف الذكية وتوافر الشبكات عالية السرعة مثل 4G و5G، مما يمكن المستخدمين من الوصول إلى مجموعة واسعة من الخدمات والتطبيقات عبر الإنترنت.

استثمرت الحكومة السعودية بشكل كبير في تطوير البنية التحتية للاتصالات والتكنولوجيا الرقمية، بهدف تحقيق مبادرة رؤية السعودية 2030. كما أن منصات OTT في تزايد، مما يمثل تحدياً للأسواق التقليدية للبث التلفزيوني المدفوع. يوفر هذا القطاع فرص نمو، لكن التكيف مع التقنيات المتطورة وتوقعات المستهلكين يعد أمراً بالغ الأهمية.

قطاع الصحة والتنمية الاجتماعية

على الرغم من تقليص الميزانية الصحية في 2024، من المتوقع أن يتفوق قطاع الرعاية الصحية، مع توقعات بأن يصل حجم السوق إلى 23.60 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2028، بزيادة عن 21.38 مليار دولار أمريكي في 2024. تشمل العوامل التي تسهم في هذا النمو زيادة الطلب على الرعاية الصحية ذات الجودة العالية، وتوسيع تغطية التأمين الصحي، وحلول الصحة الرقمية.

يمكن أن يُعزى هذا الطلب المتزايد إلى تدفق السكان المتزايد في المملكة، والذي تدعمه فرص العمل التي أنشأتها رؤية السعودية 2030. علاوة على ذلك، يتحول قطاع التنمية الاجتماعية ليتماشى مع المبادرات التي تهدف إلى تحسين نوعية حياة المواطنين. من المتوقع أن تساهم زيادة الإنفاق العام، والمشاركة من القطاع الخاص، والتعاون الدولي في استفادة القطاع.

قطاع التجارة الإلكترونية

من المتوقع أن تشهد صناعة التجارة الإلكترونية في السعودية نمواً كبيراً، حيث من المتوقع أن تصل إيراداتها إلى 37 مليار ريال سعودي (9.96 مليار دولار) في 2024، ومن المتوقع أن تواصل النمو بمعدل نمو سنوي مركب قدره 10.37٪. من المتوقع أيضاً أن يرتفع عدد المستخدمين في سوق التجارة الإلكترونية إلى 21.2 مليون بحلول عام 2028، مع معدل اختراق للمستخدمين يبلغ 54.9٪.

اقرأ أيضًا تدوينة المدونة:

تطوير مشروع البحر الأحمر: حقبة جديدة في السياحة السعودية

تشمل السوق العديد من القطاعات مثل الجمال، الإلكترونيات الاستهلاكية، الموضة، الطعام، الأثاث وغيرها. يقوم اللاعبون الرئيسيون مثل أمازون ونون وسوق.كوم بدفع ديناميكيات السوق. ومن ثم، تساهم التعاونات والوافدون الجدد في تطور هذا المشهد.

توصيات الأسهم

بناءً على هذه القطاعات، تعتقد سينشري فاينانشيال أن هذه هي أفضل الأسهم السعودية: شركة الاتصالات السعودية واتحاد عتياد (قطاع الاتصالات)، مجموعة الدكتور سليمان الحبيب للخدمات الطبية ومجموعة مواسات للخدمات الطبية (قطاع الصحة والتنمية الاجتماعية)، وشركة ليجام الرياضية وشركة جرير للتسويق (القطاع الاستهلاكي).

في مقابلة سابقة مع “العربية للأعمال”، توقع عبدالله الحميد، رئيس قسم الاستشارات في جي آي بي كابيتال، أن تكون هناك نظرة إيجابية لسوق الأسهم السعودية، متأثرةً بالأداء العالمي للأسواق، وخاصة وول ستريت، وأشار إلى النظرة الإيجابية لقطاع البنوك.

في بداية العام، أوصت شركة “إس إن بي كابيتال” بالتركيز على الأسهم في قطاعات البنوك والسياحة والرعاية الصحية، مع تسليط الضوء بشكل خاص على أرامكو، STC، البنوك، البلاد، SGS، Budget، والدوا.

تتضمن اختيارات “الجزيرة كابيتال” أفضل الأسهم مثل البنك الأهلي السعودي، بنك الإنماء، شركة الإلكترونيات المتحدة، جرير، STC، برفكت بريزنتيشن، موبايلي، خدمات الأرض السعودية، مجموعة سيرا، ذيب، الأسمنت اليمامة، الأسمنت الشرقي، سابك، وسبكيم. وأشارت الشركة إلى أن القطاعات الأساسية مثل المواد الأساسية والطاقة والبنوك هي المساهمين الرئيسيين في نمو المؤشر الرئيسي للسوق (TASI).

اقرأ أيضًا تدوينة المدونة:

 

مستقبل الاستدامة: كيف يغير الاقتصاد الدائري للكربون العالم؟

Similar Posts

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *